هل "هيهات منا الذلة" حكراً لطائفة دون سواها ؟

في الأيام القليلة الماضية، أنتشر شريط مسجّل يظهر عملية تعذيب لسجناء رومية الإسلاميين. وقد نال الشريط إستهجان الكثير من اللبنانيين وأثار غضبهم للطريقة المذلة التي تعاملت بها القوى الأمنية المولجة مسؤولية تحقيق النظام في السجن بعد انتفاضة المساجين في المبنى ب.


لا شك ان المبنى ب، الخاص بالمساجين الإسلاميين كان قبل المداهمة، إمارة إسلامية مجهزة بأحدث طرق الإتصال. يقال بأن عمليات امنية متعددة خطّط لها في اروقة هذا المبنى. ولا شك أيضاً بأن هذه المهذلة التي لطالما اشار اليها الاعلام، كان لا بدّ ان يُضع لها حداً. لكن اسئلة كثيرة تطرح في هذا الإطار لمعرفة الأسباب التي أدت الى توسع نفوذ الإسلاميين في السجن، ومن كان يزودهم بكل الوسائل التي كانت متاحة في المبنى ب، ولمذا لم يتم الإسراع في محاكمتهم لرفع الظلم عن معظمهم. كلها أسئلة برسم الطبقة السياسية.


المفاجئ في الامر، هو حجم ردود الفعل المؤيدة والمدافعة عن القوى الأمنية، مبررين الارتكابات التي حصلت كنتيجة حتميّة لكبح الإنتفاضة في السجن، وبأن المساجين الإسلاميين يستحقون تلك المعاملة. إن اعتبار تصرف القوى الأمنية في هذا الإطار هو رد فعل طبيعيّ نظراً للظروف التي كانت قائمة في المبنى ب، هو أمر مرفوض وغير منطقي وغير مبرّر، إذ كان السجناء اثناء التعذيب كما كان ظاهراً في الشريط المسجّل، مكبلين غير قادرين على المقاومة. أما التصرف المشين بحقهم، فهو تصرف صبيانيّ ومذل، يجب المحاسبة عليه.


إن افتراض جميع المساجين الإسلاميين مجرميين هو أمر خاطئ وغير واقعي. وحتى في حالة افتراض الجرم، فهذا لا يبرر التعامل الغير إنسانيّ والوحشيّ من قبل نظاميين، تابعين الى سلك الدولة. فالتعذيب الحاصل هو شبيه بممارسات رجال العصابات وليس رجال دولة. أما في حالة اعتبار البعض بمشروعية هذه الممارسات من باب الإنتقام للدولة ولهيبتها، فأنتم تقدمون الحجة الأمثل وأحقيّة المسلمين المتشدّدين بالدفاع عن انفسهم وإقامة مشروع نظامهم.

لمن لديه عشق إنسحاقي ل"جزمة" العسكر أقول هنيئاً لكم حفظها فوق رؤوسكم، ولكن اعفونا من اعتناق تذللكم (ففي وطني من الواجب عبادة الله وأحد السياسيين و/أو إحدا المؤسسات). للإستذكار فقط، الجيش هو مكون إجتماعي وجد للحفاظ على أبناء مجتمعه وليس الدعس على رقابهم! تخيلوا هذه ال"الجزمة" المعبودة تسحق أبنائكم وأحبائكم عوضاً عن السجناء المسلمين، فماذا يجعل هذا منكم ؟ ألن تكفروا بالجيش والمجتمع والوطن؟ ما كنتم ستصبحون عليه؟

الداعشيون في وطني ليسوا فقط من المسلمين المتشددين. الداعشيون هم الذين ينحازون دوماً للجلاد، مهمن يكن، لأنه يُخضع من يكرهون. يتناسون بأن الكره يجر الكره، و الإرهاب يجر الإرهاب. أوا ليس ما رأيناه من تعذيب، فن من فنون الإرهاب؟ وهل "هيهات منا الذلة" حكراً لطائفة دون سواها ؟ 

Comments

Popular posts from this blog

The New York Times sues OpenAI & Mircosoft

The Story of a fishermen, a frog and a Snake